ارتفاع جنوني لأسعار الأدوية في مصر .. و90% من مدخلات الأدوية المصنعة محلياً مستوردة من الهند والصين
سلسله من الارتفاعات المتتالية يشهدها سوق الدواء في مصر ، الأمر الذي أثار غضب الكثير من المرضي ، ووصفوا تلك الزيادات بالغير مبررة ، علماً بأن صناعة الدواء في مصر من أهم السلع الإستراتيجية التي لا غنى عنها، بدليل أن مصر خلال جائحة كورونا امتلكت مخزونًا إستراتيجيًا من الدواء .
وزيادة أسعار الأدوية ليست المرة الأولي ، إذ أنه خلال الأعوام الماضية ، ارتفعت أسعار الأدوية جراء نقص المواد الخام اللازمة للإنتاج، أو عدم وجود السيولة الدولارية المطلوبة للإفراج عن البضائع المكدّسة في الموانئ .
فقد ارتفعت أسعار الأدوية منذ بداية 2023 وحتى شهر أغسطس الماضي بنحو 15% ، حيث زادت أسعار نحو 2000 صنف دواء تقريبًا منذ أواخر العام الماضي وحتى الآن، من أصل قرابة 17 ألف صنف متداول في السوق المصرية ، وهذا ما أكده على عوف رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية في مصر.
أدوية الضغط والقلب أهم الأصناف التي ارتفعت أسعارها
ومن أهم أصناف الأدوية التي شهدت زيادة فى أسعارها المكملات الغذائية والفيتامينات والتى تشهد زيادة كبيرة فى الطلب، بينما زادت أسعار أدوية الأمراض المزمنة كالقلب بنسبة زيادة قدرها 70%، وأدوية الضغط التى شهدت تحريكًا فى أسعارها بمقدار 15 جنيهًا، موضحة أن الصيدلى ملتزم ببيع الدواء طبقًا للتسعيرة المطبوعة على العلبة، حتى وإن كان أقل من السعر الجديد.
كما أن هناك أزمة فى عدد من الأصناف الطبية مثل: صمامات القلب والقساطر ودعامات القلب وأجهزة قياس السكر للأطفال، وكذا سماعات الأذن للأطفال، والكراسى الكهربائية للحالات الخاصة من الأطفال وقطع غيارها، بجانب أدوية المناعة والهرمونات وأدوية الأورام وأدوية الأمراض الوراثية كالذئبة الحمراء وضمور العضلات الشوكى ومرض الدوشين ومرض الهيموفيليا، وبعض الأدوية الخاصة بالقلب وأدوية أشعة الصبغة والأدوية المضادة لـRH بعد الولادة.
ما أسباب ارتفاع أسعار الأدوية في مصر ؟
تعود زيادة أسعار الأدوية في مصر لعدة أسباب أهمها أزمة تقلب أسعار الصرف في مصر وانخفاض قيمة الجنية أكثر من مرة أمام الدولار ، بجانب نقص المواد الخام اللازمة للإنتاج، أو تكدسها بالموانئ لعدم وجود السيولة الدولارية المطلوبة للإفراج عن البضائع ، فضلاً عن ارتفاع أسعار الشحن والخامات عالميًا .
وتستورد مصر نحو 90% من مدخلات الأدوية المصنعة محلياً من الهند والصين لانخفاض التكلفة ، علماً بأن هناك نحو 180 مصنعاً في قطاع الأدوية بالبلاد بحجم عمالة مباشرة وغير مباشرة يصل إلى نصف مليون عامل .
وزيادة أسعار الأدوية ليست موحدة، إذ أنها تختلف حسب نوع الأدوية، فمثلًا أدوية الأمراض المزمنة تكون أقل في نسب الزيادة لأن المريض يستخدمها باستمرار، أما في حالة الأدوية غير المزمنة، أو المكملات الغذائية التي قد يستغنى عنها المريض فنسبة الزيادة تكون أكبر قليلًا.
وجدير بالذكر أن هناك آلية اتفاق ين هيئة الدواء المصرية مع الشركات للنظر في أسعار الأدوية في ضوء زيادة تكاليف الإنتاج وارتفاع سعر صرف الدولار، الأمر الذي جعل هناك فارق ملحوظ بين السعر الرسمي والحر للدولار والذي وصل لأكثر من عشرة جنية ، مما أصبح أحد أسباب الأزمة الراهنة.
وعلى الفور دفع ذلك شركات الأدوية للتقدم بطلبات لهيئة الدواء ويتم دراستها في لجنة مختصة، وإن كانت تلك الأصناف تستحق زيادة الأسعار يتم التحريك وفق نتائج الدراسة، ورغم ارتفاع أسعار الأدوية شكل ملحوظ إلا أن شركات الأدوية لم تُحقق المستهدف بالنسبة لها ، ومن ثم تحتاج للجلوس مع هيئة الدواء مرة أخرى (الجهة المختصة عن مراجعة الأسعار) للاتفاق على آلية جديدة لتحريك الأسعار، حيث تقدمت 80 شركة بطلب لهيئة الدواء المصرية لتحريك بعض أصنافها مرة أخرى نتيجة لارتفاع سعر الدولار ووقف الخسائر التى تتعرض له.
شركات الأدوية تهدد بالتوقف عن الإنتاج
ولم يتوقف الأمر على ذلك، بل تهدد بعض الشركات بوقف إنتاج بعض أصنافها التى تتعرض للخسارة بسبب ارتفاع سعر التكلفة مقارنة بسعر البيع، توجه اتهامات لهيئة الدواء بمحاباة شركات الدواء، وهو ما ذكره النائب محمد تيسير مطر، عضو مجلس النواب، فى طلب إحاطة إلى رئيس المجلس بشأن ارتفاع أسعار الأدوية فى السوق.
وقال النائب فى الطلب المقدم منه إن سوق الدواء تعانى من انفلات فى الأسعار وزيادة كبيرة فى الأصناف الحيوية التى لا غنى عنها للمرضى، وإن هيئة الدواء حينما وافقت على زيادة الأسعار لم تأخذ فى الحسبان الظروف الاقتصادية للمرضى، وانحازت لصالح أصحاب شركات الأدوية الذين يحققون أرباحًا بالمليارات على حساب المواطنين.
صفحات إلكترونية لبيع بعض الأصناف الناقصة بالأسواق بأسعار مرتفعة
وتعالت التحذيرات خلال الساعات القليلة الماضية على جميع مواقع التواصل الإجتماعي ، من استمرار الأوضاع الحالية فى سوق الدواء فى ظل غياب أصناف مهمة يستخدمها المرضى فى العلاج من أمراض نادرة، وهى فى الغالب يتم استيرادها من الخارج، ويحدث ذلك بالتوازى مع ظهور صفحات على وسائل التواصل الإجتماعى تبيع بعض الأصناف الناقصة بالأسواق بأسعار مرتفعة، ولا يعلم المريض جودتها وصلاحيتها للاستخدام، لكن ليس أمامه بديل سوى توفير الدواء مهما كان مصدره.
توقعات أسعار الأدوية خلال الفترة المقبلة
تشير أغلب التوقعات لاستمرار موجة الارتفاع في أسعار الأدوية على خلفية أزمة نقص الدولار ، وارتفاع قيمته بالسوق السوداء وذلك بعدما تخطى حاجز الـ41 جنيهاً .
